
بقلم : محمد صديق الجاوي
:السؤال
أسأل عن العبارة “الأقربون أولى بالمعروف”، فهي ليست من القرآن، فما هي إذا في حقيقتها؟ (فريد وجدي، بوكور)
:الجواب
العبارة المشهورة “الأقربون أولى بالمعروف” ليست هي آية ولا رواية حديث نبوي، فلم نعثر عليها في كتب اهل السنة. قال الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” عن هذه العبارة :« لا أصل له بهذا اللفظ. » وقال السخاوي في “المقاصد الحسنة”: « ما علمته بهذا اللفظ ».
فالحق أن هذا القول ليس بقرآن ولا بحديث ولا يوجد في شيء من كتب السنة لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا حتى موضوع.
إلا أن هذه العبارة صحيحة من من حيث المعنى ، بل قال بعض العلماء إن هذه العبارة تعني”الأقربون أولى بالمعروف”، من القواعد الكلية الشرعية التي مُؤَيَّدَة بالأدلة الشرعية من القرآن والسنة والإجماع.
أما القرآن فقوله تعالى:
﴿قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة: 215]، وقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 180].
وأما السنة فالأحاديث فيها كثيرة، منها ما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ» رواه مسلم.
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك -أَيْ: فِي فَمِهَا-» متفق عليه.
:وعَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ
«الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»
رواه الترمذي (658)، والنسائي (2582)، وابن ماجه (1844)، وأحمد (16278).
وعن جابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ:
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا
رواه مسلم (997)، والنسائي (2546)، والبيهقي (7830) بلفظه.
ولقد أجمع الفقهاء على أن النفقة والصدقة تكون على الأقرب فالأقرب، ولهم في ذلك ترتيبات بحسب درجة القرابة، مذكورة بتفاصيلها في كتب الفقه.
فالخلاصة : العبارة “الأقربون أولى بالمعروف” وإن كانت ليست من القرآن ولا من الحديث النبوي إلا أنها من القواعد الكلية الصحيحة التي تؤيدها الأدلة الشرعية من القرآن والسنة. والله أعلم
جوك جا كارتا، يوم السبت 24 مايو 2025
الموافق 25 من ذي القعدة 1446
أخوكم،
محمد صديق الجاوي
المراجع :
https://www.dar-alifta.org/ar/ourreligion/details/6536/
https://binbaz.org.sa/audios/1495/
https://www.alukah.net/sharia/0/149743/